أخبار وطنية سمير ديلو : من أخطائنا أننا لم نكن حازمين أمام مظاهر الإنفلات الأمني والتطرّف والتشدّد وأعمال العنف
أكثر من 60 ألف شخص يدّعون أنهم من جرحى الثورة منهم من يسكن مناطق لم تحدث فيهــا مـظاهــرات أصــلا!
أنا عصفور، يطربني بوشناق ويضحكني لمين النهدي
ليست لي علاقة بالمسائل المالية في النهضة حتى يتّهموني بابتزاز رجال الأعمــــال
قدر الإفريقي أن يبقى كبيرا، ويجب العودة إلى العائلة الموسعة للجمعية في القرارات المصيرية
أعيش في منزل على وجه الكراء، لا أملك سيارة، وهذه حكاية القصور والسيارات الفاخرة لأعضاء حركة النهضة!
ضيفنا هذا الأسبوع هو الأستاذ سمير ديلو عضو المكتب السياسي لحركة النهضة والوزير السابق في حكومة الترويكا، إلتقينا معه ووجهنا له جملة من الأسئلة تتعلّق أساسا بالانتقادات الموجّهة للنهضة خلال فترة إدارتها لشؤون الدولة واتهامها بإغراق البلاد في الديون وابتزاز رجال الأعمال والثراء الفاحش لرموزها والإتهامات الموجهة للحركة من قبل أحزاب سياسية وبالخصوص من الجبهة الشعبية بضلوعها السياسي في الاغتيالات.. فكان الحوار التالي الذي رد فيه ديلو على اتهامات خصومه السياسيين وتحدث فيه أيضاً عن حقيقة الخلافات داخل النهضة وشعبيتها الراهنة ومواضيع أخرى ندعوكم للإطلاع عليها..
ـ بعد مرور قرابة شهرين من خروجكم من الحكم، بصراحة هل أنتم راضون على فترة حكمكم وتسييركم لشؤون الدولة؟
بصورة عامة سواء تعلّق الأمر بالحياة الشخصية أو بالشأن العام، أعتقد أنّه من يرضى على نفسه لا يكون تقييمه ناجعا ومفيدا ولا يمكن أن يحسّن أدائه، وبالتالي أرى أنه توجد دائماً إمكانية للنقد الذاتي قبل الإستفادة من النقد الخارجي، هناك أشياء أصبنا فيها وهناك أشياء لم نُصب فيها وهذه طبيعة كل عمل بشري قائم على الإجتهاد في ظروف صعبة..
ـ ماذا كسبتم من وراء تولّيكم تصريف شؤون الدولة؟
كسبنا تجربة وخبرة..
ـ على حساب من؟
على حساب صحّتنا وعائلاتنا، وإذا كنت تقصد على حساب الشعب التونسي فأجيبك بأنّنا ساهمنا رغم الظروف الصعبة في خدمة البلاد والشعب..
ـ ماذا خسرتم في المقابل؟
خسرنا كل ما يمكن أن يخسره السياسي الذي يتولّى السلطة في ظرف انتقالي، وهو أن لا يجد الإنصاف لا من البعيد ولا من القريب، في وضع لا يُفرّق فيه الناس بين النتيجة غير المرضية التي تعود إلى الظرف العام وبين نقص الكفاءة والخبرة والتجربة..
ـ هناك قراءات مختلفة ومتعددة حول تقييم الملاحظين والمتتبعين للشأن العام بخصوص فترة تولّي النهضة «الترويكا» للحكم في البلاد وتسيير شؤون الدولة، هناك من يقول أن النهضة انسحبت من الحكم خوفا من إعادة السيناريو المصري في حين أنّ هناك من يقول أن خروجها يعود إلى إقرارها بفشلها.. أنتم كيف تقيّمون وكيف تقرؤون؟
تقييم النجاح من عدمه إذا استُند فيه لما يقوله الخصم السياسي والمنافس الإنتخابي لا أعتقد أنه سيكون تقييما مبنيا على الموضوعية، خاصة في ظل استقطاب شديد وغياب للموضوعية والمقاييس الصارمة في التقييم في المدّة الأخيرة، ولكن إذا كان الرجوع فيه للمنصفين ولاحقا للمُؤرّخين أعتقد أن التقييم سيكون أكثر اعتدالا وسيكون قائما على ما يلي.. أولا أن الوحيدين الذين كانوا يمتلكون التجربة بعد قيام الثورة هم الذين قامت الثورة ضدّهم وبالتالي كل الساحة السياسية التي كانت معارضة للنظام تستوي في نقص تجربتها في شؤون الحكم.
ثانيا، أن هناك إكراهات واقعية بعضها منهجي في طرح الأسئلة المناسبة.. هل أن السؤال الرئيسي بعد الثورة هو التنمية والتشغيل أم هو الحرية وترسيخ الديمقراطية وأسس الإنتقال الديمقراطي والعمل والتضحية والصبر؟ أنا أعتقد أن الإشكالية تتمثل في كون المداخل المنهجية بعد الثورة كانت خاطئة والمسؤولية يتحملها الجميع، الطبقة السياسية وعموم المواطنين..
ـ كيف ذلك؟
بعد الثورة وجدنا مواطنين من صفة خاصة لديهم حقوق وليست لهم واجبات، لا أحد يتحدّث عن العمل والتضحية، إلى جانب ذلك لم يقع التفريق بين استحقاقات الثورة التي تتعلق بالإرادة والجرأة والشجاعة والحماس والإندفاع إلى غير ذلك وبين الإمكانيات والتي يدخل فيها عامل الزمن..
ـ هناك من يؤكد اليوم بأن الحركات الإسلامية لا تستطيع تحمّل الحكم وهي حركات فاشلة استنادا لما وقع في مصر وليبيا وأيضاً في تونس وحتّى ما حصل ويحصل في تركيا..كيف تردّون؟
لا يمكن المقارنة أبدا بين كل هذه التجارب.. التجربة التركية هي تجربة نجاح تاريخي واستثنائي غير مألوف وغير مسبوق رغم بعض التعثرات أحيانا وهذه طبيعة أي عمل بشري.. وهي تجربة حققت الديمقراطية مع الرفاه الاقتصادي وهذا ليس أمرا يسيرا، بالنسبة للتجربة المصرية، الذي حدث هو علامة فشل لكل النخبة السياسية ولعلّ الجزء الحريّ بالمساءلة أكثر من غيره هو الليبرالي العلماني الذي أصبحت قناعاته الديمقراطية محلّ مساءلة، السؤال الذي كان يوجّه للساحة الإسلامية والحركات ذات الخلفية الإسلامية حول جاهزيتها للعمل الديمقراطي والقبول باللعبة الديمقراطية..وبعد تصفيق النخبة العلمانية للإنقلاب العسكري أصبح هذا السؤال يوجّه بشكل عكسيّ، أما ما يحدث في ليبيا فهو غير قابل للمقارنة بما يحدث في مصر ولا في تونس لأن ليبيا مازالت حضاريا في مرحلة ما قبل الدولة وبالتالي فالتحدّي هناك ليس تحديا ديمقراطيا بل هو تحدّ مؤسساتي.. أما في تونس، فهناك صرامة وشدة وقسوة في تقييم التجربة لدى البعض عن حسن نيّة ولدى البعض الآخر ربما عن سوء نية.. لأن الكثيرين لا يستطيعون مدح النظام السابق فينقدون بعدم موضوعية ما بعد النظام السابق...
ـ بكلّ صراحة، ما هي الأخطاء التي ارتكبتها النهضة والترويكا في إدارتهما لشؤون الدولة؟
هناك أخطاء كثيرة، لكن من الناحية المنهجية إذا عمدنا إلى تقييم وضع سابق بوعي لاحق فهذا سيُؤدّي إلى ظلم أكيد، ولكن إذا وضعنا أنفسنا في الظروف والمعطيات التي كنا عليها زمن اتخاذنا لقراراتنا سنجد أنه كان بإمكاننا اتخاذ قرارات أخرى.. خلاصة القول يجب أن نكون موضوعيين حتّى يكون الحكم لنا أو علينا معقولا..
ـ أذكر لنا بعض الأخطاء التي ارتكبتموها!
من بين الأخطاء مثلا أننا لم نكن حازمين بالشكل الكافي أمام بعض مظاهر الإنفلات الأمني ومظاهر بروز التطرّف والتشدّد لدى الشباب وبعض أعمال العنف، ولكن مع ذلك لا يجب أن ننسى أن المؤسسة الأمنية كانت آنذاك في حالة من التعافي وأن أدائها شهد تطوّرا..
ـ لكن هل تنكرون أن الإرادة السياسية غابت عنكم في مسألة مقاومة الإرهاب وخطابات التكفير والفتنة في بعض المساجد؟
المُلاحظ والمنصف أنّه لا يمكن أن نتغاضى على أن الإرادة السياسية كانت موجودة، يكفي فقط مقارنة عدد المساجد التي وجدناها منفلتة عند تسلّم السلطة وعدد المساجد المنفلتة التي تركناها عند مغادرتنا الحكم، ستجدون أنها كانت تعدّ بالمئات والآن أصبحت تعدّ بالعشرات، وهذا مرتبط بتعافي المؤسسة الأمنية.. وزارة الشؤون الدينية ـ مثلا ـ هي تعاين وتقرر ولكن ليس لديها أعوان التنفيذ وهذا الأمر تتشارك فيه المؤسستان الأمنية والقضائية.. مع ذلك هناك خيارات أخرى يمكن أن تكون محلّ مساءلة والطرف الذي بإمكانه النقد والتقييم هو المواطن والإعلام وحتى المعارضة أيضاً ولكن بالخصوص المؤرخون في وقت لاحق..
ـ ماهو القرار الذي اتخذته عندما كنت وزيرا وندمت عليه اليوم؟
القرار الذي اتخذته بسبب ضغط الإعلام والشارع وندمت عليه هو منح امتيازات لأشخاص عدة لا يستحقونها تحت غطاء جرحى الثورة، ولكن المسؤولية الرئيسية يتحمّلها الذين حاولوا توظيف هذا الملف للضغط على الحكومة، وللأسف الشديد ليس لنا في تونس ثقافة النقد الذاتي..
ـ هل تقرّ بأنكم رضختم للضغط!
طبعا رضخنا للضغط، لأنه كان ضغطا لا يمكن أن يصمد أمامه شخص أو جهة أو حكومة، كانت هناك منابر تلفزية يومية تستدعي أشخاصا لا علاقة لهم بجرحى الثورة، بعضهم يحمل «عُكّازا» والبعض الآخر يتظاهر بإعاقة وهذا سلّط علينا ضغطا شديدا للأسف الشديد، وهناك من المحامين من تورّط في ذلك رغم أنهم يعلمون أن من يدّعون ذلك تعلّقت بهم قضايا حق عام وأن عددا منهم كان في السجن إبّان الثورة.. وبالتالي لو عاد بنا الزمن إلى الوراء لكان بإمكان من كان في موقع القرار أن يكون أكثر جرأة وشجاعة وقدرة على المواجهة..
ـ حتّى في علاقتكم بملف شهداء الثورة، هناك حديث على أن قائمة الشهداء ضمّت أشخاصا ليس لهم علاقة بالثورة، وأن هناك من قُتِلَ نتيجة أحداث لا تمتّ للثورة بصلة، فهل هذا صحيح؟
أنا لا أتّفق مع ذلك، والإشكالية تتعلّق أساسا بملف الجرحى.. والقائمة الموجودة إلى حد الآن والتي تحتاج إلى تدقيق من قبل اللجنة التي يشرف عليها الأستاذ الهاشمي جغام (لجنة شهداء الثورة ومصابيها) التي تحتوي على ما يقارب على 3728 إسما، وبين من يدّعون أنهم من جرحى الثورة والذين يبلغ عددهم أكثر من ستّين ألف شخص.. بعضهم في مناطق ومدن وقرى لم تحدث فيها مظاهرات أصلا!! وبعضهم وقع استدعائه من قبل قنوات تلفزية لا فائدة في ذكرها والبعض الآخر كان يتظاهر في الشوارع وتُغطّي تحركاتهم وسائل الإعلام والحال أنه ليس لهم علاقة بالثورة وجرحاها..
ـ هل تطالبون اليوم بإعادة النظر في هذا الملف وسحب الأموال والامتيازات التي يتمتع بها أشخاص لا يستحقونها وليست لهم علاقة بالثورة؟
هذه مسؤولية وطنية، إذا كان هناك توافق على أن يتحصّل كل من يحمل شعار الثورة على ما يريد فللشعب ذلك، ولكن لا أظن ذلك من الناحية المعنوية على الأقل، باعتبار أن هناك جانبا معنويّا أيضاً في المسألة كأن يكون هناك نصب تذكاري للثورة التونسية يضمّ أسماء أشخاص كانوا ينهبون ويسرقون أثناء الثورة، أنا لا أعتقد أن الشعب التونسي سيقبل بذلك.. وفي كل الأحوال هذا ليس فيه تشويه للجرحى الحقيقيين، بل من مصلحتهم أن لا يندسّ بينهم مدّعون زائفون لأن ذلك سيشوّههم جميعا.
ـ أريد جوابا صريحا، هل خسرت النهضة شعبيتها بعد إدارتها لشؤون البلاد؟
هناك عنصر قار وأساسي، وهو أن السلطة وبشكل عام وفي كل تجارب الدنيا وليس فقط في التجارب الإنتقالية تستهلك من يكون فيها، ودائما في عملية قياس الشعبية فإن الأحزاب التي تكون في الحكم، وبقطع النظر عن أدائها تتراجع شعبيتها ولو جزئيا، ولكن إذا أُضيف عامل الوضع الإنتقالي الذي يعتبر وضعا صعبا للغاية على أساس أن انتظارات الشعب فيه أكبر بكثير من قدرة السلطة مهما كانت هويتها الإيديولوجية والفكرية والسياسية، ومهما كانت كفاءتها البشريّة.. أنا شخصيّا أُرجّح بين ما تمتعت به حركة النهضة من مسؤولية ومن تغليب للمصلحة الوطنية على المصلحة الحزبية بمشاركتها في الحوار الوطني وجدّيتها في إنجاحه وتخلّيها عن السلطة رغم أن الطريق الوحيد لمغادرة حكومة منتخبة للسلطة هي الانتخابات وصناديق الإقتراع..
ـ أو انقلاب أيضا؟!
أو انقلاب أو ثورة، ولكن نحن اخترنا صيغة سادسة في تونس لأن الصيغة الخامسة وهي إسقاط الحكومة لم تنجح ولا يمكن أن تنجح، لأن مؤسسات الدولة هي مؤسسات تُؤمن بالدولة ووفية للشعب، لذلك كانت هناك الصيغة السادسة وهي صيغة التوافق الوطني الذي يُعدّل الوضع السياسي، تمّت بنجاح، لذلك يجب أن نبني عليها لتكون كل عمليات الإنتقال اللاحقة عمليات سلسة وفي إطار سقف الديمقراطية..
ـ بماذا تردّون على خصومكم السياسيين الذين يتّهمونكم بإغراق البلاد في الديون ومسؤوليتكم السياسية في انتشار الإرهاب والإغتيالات التي جدّت بالبلاد مثلما أكّد على ذلك حمّة الهمّامي مثلا؟
بيننا وبينهم الأرقام في ما يتعلّق بالتداين والبطالة ونسبة النمو ونسب العجز والبيّنة على من ادّعى، أما بخصوص الإغتيالات السياسية، لا أظن أن الأطراف السياسية التي ينتمي إليها الشهداء هي أكبر متضرّرة من هذه الإغتيالات..
ـ من؟ النهضة هي المتضرّرة؟!
بالطبع.. الذين كانوا في السلطة هم الذين تضرّروا بشكل مباشر من الإغتيالات التي وقعت، الإغتيال الأول ساهم في إيجاد الأرضية الخصبة التي دفعت برئيس الحكومة للإستقالة، والإغتيال الثاني دفع بالسيد على العريّض إلى الاستقالة.. أما بخصوص استراتيجيات مقاومة الإرهاب فهذه مسؤولية وطنية، وحركة النهضة لها منظومة قيم تقوم على تقديس التعامل السلمي والمدني وعلى نبذ العنف.. والذين يتبنّون العنف والعمل المسلّح فإن حركة النهضة بالنسبة إليهم أولى بالمواجهة أكثر من أي طرف آخر..
ـ اتّهم الصحبي العمري حركة النهضة بابتزاز رجال الأعمال واتهمك أنت أيضاً بابتزاز المرحوم عزيز ميلاد ومطالبتك له بدعم حملة حركتكم الانتخابية، بماذا تردّ؟
صحيح أنّه وجّه لي التهمة ولكنه وجهها أيضاً لشخص انتقل إلى ذمّة الله تعالى وبالتالي لا يمكن أن يستدعى للشهادة، وفي ثقافتنا الإسلامية يعتبر الإعتداء على الميّت أفظع من الإعتداء على الحيّ.. فيما يخُصّني أنا فإني أؤكّد لكم أنني لم ألتق بالمرحوم عزيز ميلاد إطلاقا في حياتي ولم يكن بيننا أيّ تواصل حتّى بالهاتف، وأنا لن أطالب من وجّه لي التهمة بأن يثبت أنني إبتززت أو أنني ساهمت في تحصيل أموال لحركة النهضة، بل أطالبه فقط بأن يُثبت أنّني التقيت بالمرحوم عزيز ميلاد ولو صدفة.. هذا من جهة، من ناحية أخرى أنا ليست لي أية علاقة بالمسائل المالية في حركة النهضة لا من بعيد ولا من قريب، بل من الطريف أني ليست لي علاقة بالمسائل المالية حتّى في عائلتي..
ـ في المقابل، هل تنكر ما يتردّد حول حياة البذخ والقصور والسيارات الفاخرة التي أصبح يعيش فيها رموز حركة النهضة وأنت واحد منهم؟
سأتحدث عن نفسي. أنا حاليا لا أملك سيارة ولا منزل، أستعمل حاليا سيارة زوجتي التي كنت أستعملها قبل أن أدخل إلى الوزارة، أسكن في شقّة على وجه الكراء بها غرفتان ونصف في حدائق المنزه.. ومن بإمكانه أن يثبت أنّه لي ممتلكات أخرى فأنا أهبها له وأُشهد جميع من سيقرؤون هذا الحوار أنني سأتنازل له عليها..
ما حكاية الخلافات والإنقسامات داخل حركة النهضة؟
ليست هناك أية انقسامات داخل النهضة، هناك حوار وجدل وهناك أحيانا اختلاف في وجهات النظر، لكنني أؤكد لكم بكل ثقة وعن بيّنة أن حركة النهضة هي من بين الأحزاب الديمقراطية القليلة في البلاد..
ـ هل هذا تأكيد لما صرّح به الطاهر بن حسين الذي قال أن النهضة أكثر ديمقراطية من نداء تونس؟
أنا لا أعرف نداء تونس ولكني أعرف حركة النهضة، الحوار داخلها يكون في عديد الأحيان ساخنا جدا، وحتى رئيس الحركة رغم حجمه التاريخي والعلمي ومكانته الرمزية لا يفرض رأيه في بعض الأحيان على الأغلبية. ـ هل لهذه الإختلافات تأثيرا على تأجيل المؤتمر؟
لا أبدا، سبب تأجيل المؤتمر وهذا كان نص الإستفتاء، هو قدرة حركة النهضة على مواجهة استحقاقين هامين في نفس الوقت هما المؤتمر والانتخابات، ولو كانت هناك اختلافات فإن المؤتمر يعتبر أفضل مناسبة لحسمها.
ـ ما هو رأيك في استقالة حمادي الجبالي وما صحة ما يروج من احتمال إنشاءك حزب جديد معه ومع قيادات نهضوية أخرى؟
عندما خرجت إشاعة تكوين حمادي الجبالي لحزب بعد استقالته من رئاسة الحكومة يكون فيه سمير ديلو، كنا حينها لم نتقابل منذ أسابيع عديدة، ولقد ناقشنا هذا الموضوع بابتسامة عريضة، وفي كل الأحوال هذا السؤال وُجّه للسيد حمادي الجبالي وأكد أنه لن يُؤسس حزبا داخل حركة النهضة بل أكثر من ذلك لا يمكن أن يُطرح هذا السؤال إلا إذا غادر الجبالي حركة النهضة..
ـ ألم يُعلن استقالته؟
أعلن الإستقالة لكنه لم يغادر حركة النهضة وقد تقدم باستقالته من الأمانة العامة وحتّى استقالته من الأمانة العامة مازالت لم تُقبل بعد من مؤسسات الحركة، وبالتالي لن تصبح استقالة فعلية إلاّ متى تم قبولها ، وهو لايزال في مكانه في الأمانة العامة وفي حركة النهضة..
ـ هل هي مناورة من النهضة لتقديم حمادي الجبالي في صورة رجل الدولة تمهيدا للانتخابات الرئاسية؟
أبدا، الموقف من الإنتخابات الرئاسية مازال لم يُحسم بعد ومهما كان الإتجاه الذي ستُحسم فيه هذه المسألة فلن يكون في إطار المناورة وإنما في إطار الوضوح.. لو قررنا الترشح بمرشح خاص من الحركة سنعلن عن ذلك بكل وضوح ولو قرّرنا دعم مرشّح آخر توافقي ـ وهو الخيار الأفضل مبدئيا ـ فسنعلن ذلك أيضاً ، لكن وفي كل الأحوال مازلنا لم نحسم هذه القضية بعد..
ـ هل يمكن أن يكون سمير ديلو مرشح النهضة للانتخابات الرئاسية؟
لم أترشح ولم يُرشحني أحد.
ـ هل لديك رغبة شخصية في ذلك؟
لم أترشح ولم يرشحني أحد.
ـ كيف تقيّمون أداء حكومة المهدي جمعة؟
هذه الحكومة تحمّلت المسؤولية في ظرف صعب ولا يجب الإستعجال في الحكم عليها ويجب أن تتظافر كل الجهود لدعمها، لأن في نجاحها نجاح لمرحلة الإنتقال الديمقراطي.
ـ ماذا يمكن أن تُضيف لكل ما قيل حول الأحكام الصادرة مؤخراً في قضايا شهداء الثورة؟
أحكام مفاجئة، وليس من الغريب أن يكون هناك شبه إجماع على أنها لم تُنصف عائلات الشهداء.
ـ سمعنا أنك انصرفت لتعلّم الموسيقى بعد خروجك من الوزارة، هل تُؤكّد هذا الخبر؟
(يضحك) لا أعلم كيف تسرّب هذا الخبر.. بالفعل، مباشرة بعد مغادرتي الوزارة بدأت في تعلّم العزف على آلة العود بتشجيع من فنان كبير.
ـ من هو هذا الفنان؟
أحتفظ بالإجابة عن هذا السّؤال.
ـ مطربك المفضّل في تونس؟
لطفي بوشناق..
ـ لن يكون إذن سوى لطفي بوشناق الذي كان وراء سعيك لتعلّم الموسيقى!
يضحك، بالفعل هو لطفي بوشناق..
ـ وفي الخارج من يطربك؟
أم كلثوم، عبد الوهاب، عبدالحليم، الشيخ إمام، مارسال خليفة وطبعا فيروز.
ـ الممثل الذي يضحكك؟
في تونس لمين النهدي دون منازع، خارج تونس عادل إمام وسعيد صالح في مدرسة المشاغبين ومحمد صبحي في أعماله المسرحية ودريد لحّام في أعماله القديمة.
ـ شخص قصّرت في حقّه وتريد أن تقدّم له اعتذارا؟
قصّرت في حق ابنتيّ في السنتين الأخيرتين، لم أجد لهن الوقت الكافي للعناية بهن في الدراسة ولحملهن لحديقة البلفدير لمشاهدة الحيوانات وهما تحبان كثيرا الحيوانات..
ـ على ذكر الحيوانات، ماهو الحيوان الذي ترى فيه نفسك؟
ههههههه يعني ما هو الحيوان الذي يشبهني؟! ههههههه صعب هذا السؤال.. العصفور ربما..
ـ لماذا؟
لأني أحب الحرية.
ـ من المعروف أنك من أحباء الإفريقي، بعيدا عن السياسة ماذا تقول حول نتائج الفريق وفشله في تحقيق أحلام جماهيره؟
لنجاح أي فريق يفترض أن تكون هناك إمكانيات مادية وانتدابات جيّدة، ومدرب مناسب وإدارة كفأة مع الأخذ بعين الإعتبار عامل الزمن من أجل إيجاد اللُحمة والأوتوماتيكية المطلوبة وهذا يتطلّب بعض الوقت.. وبالتالي بالإضافة للحماس وحب الجمهور لناديه وهذا معروف عن جماهير الافريقي لا بد من الصبر وعدم الإستعجال.. لذلك لا بد أن يعمل الجميع على أن يبقى الإفريقي ضمن كوكبة أحسن النوادي في تونس لأن في ذلك مصلحة لكرة القدم التونسية، ولا يكون ذلك سوى عن طريق استماع المسؤول إلى العائلة الموسعة للجمعية قبل اتخاذ القرارات المصيرية.
ـ كلمة تختم بها اللقاء..
أوجّه رسالة إلى الشعب التونسي وأقول له لا يمكن أن تكون الصعوبات التي تعترضنا في مسيرتنا نحو إكمال البناء الديمقراطي مُوجبة بأي شكل من أشكال للتساؤل حول انجازنا لثورة حقيقية وعظيمة، وهذه الثورة لا تكتمل فقط بتوسيع مجال الحرية وإنما بالعمل والعمل ثمّ العمل.
حاوره: عادل بوهلال